القرآن تفسير للكون والإنسان
)مطابقة الحقائق العلمية للآيات القرآنية(
الاستاذ الدكتور محمد جميل الحبال
فى 7 أغسطس 2015
تتوالى أخبار دخول علماء الغرب فى الإسلام بعد أن تبين لهم أنه الحق حيث يقول الله سبحانه وتعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ. )من الآية 53) سورة فصلت
ويقول سبحانه: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) سورة فاطر. وذلك لأن العلماء هم من يقرأون ويتدبرون آيات الله المنزلة في كتابه الحكيم ويتأملون آياته المبثوثة في هذا الكون العظيم فيدركون الحقيقة وهى أن هذا الكتاب من لدن خبير حكيم علام للغيوب فتلين قلوبهم وتدمع عيونهم ويقدرون الله حق قدره فيخشعون لله ويخشونه حق الخشية والملاحظ أنه كلما تقدم العلم كلما إقترب أكثر من حقائق القرآن الكريم التى هى الحقيقة المطلقة التى يرجع إليها ويقاس عليها ما تم إكتشفه من الحقائق العلمية لذلك قال عليه الصلاة والسلام فى وصف هذا القرآن الكريم أنه (لا تنقضي عجائبه …ولا يشبع منه العلماء.)
وسنذكر فيما يلى بعض ألامثلة عن مطابقة الحقائق العلمية للآيات القرآنية الكريمة :
1. البر والبحر :
لقد وردت كلمة (البر) وكلمة (البحر) متكررة في القرآن الكريم في عدة آيات فبالنسبة لكلمة (البر) فقد تكررت (12) مرة أما كلمة (البحر) فقد تكررت (33) مرة أي بنسبة (نحو27% للبر ونحو 73% للبحر) وهاتان النسبتان هما نفس نسبة وجود وتوزيع الماء واليابسة على سطح الكرة الأرضية البالغ مساحتها الإجمالية 509 مليون كم2 (منها مساحة 144 مليون كم2 لليابسة و 365 مليون كم2 للماء).
وإذا ما أخذنا عبارة ( البر والبحر) مجتمعة ومتتالية في الآية الكريمة نفسها نجد أنها تكررت في سبع آيات فقط وقد يكون ذلك إشارة وكناية عن عدد القارات السبع والمحيطات أو البحار السبعة والله أعلم .
2. الفصول الأربعة :
وهي الصيف والخريف والشتاء والربيع التي تتكون (كما هو معروف في العلوم الفلكية والجغرافية) من دوران الأرض بمحورها المائل بمقدار (23,5) درجة عن المستوى الأفقي لخط سيرها الاهليجي حول الشمس وبعبارة أخرى إن الفصول الأربعة تحصل عن علاقة مباشرة بين الأرض والشمس. وقد وردت في القران الكريم كلمة (الشمس والأرض ) في أربعة مواضع فقط ويكون في ذلك إشارة إلى هذه الفصول الأربعة . ومن الملاحظ في هذه الآيات أن كلمة (القمر) قد وردت فيها أيضا فهل يكون للقمر علاقة مباشرة او غير مباشرة في تكوين الفصول الأربعة ؟ هذا سؤال نتوجه به الى علماء الفلك والجغرافيا وفي حالة تحققه فانه يعتبر من السبق العلمي في القرآن الكريم الذي هو ليس منهجاً للإنسان والبشرية فحسب بل للكون أجمع والله اعلم بمراده لأنه خالق الكون (والذي أودع فيه هذه القوانين والنواميس) هو الله سبحانه وتعالى الذي انزل القران (كلامه الحكيم) فلا بد ان يتطابقا ويدل احدهما على الاخر كما ذكرنا سابقاً ، قال تعالى: ( قلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان : 6 ].
3. الشمس :
كلمة (الشمس) تكررت في القرآن الكريم في (33) موضعا وهذا إشارة إلى الدورة الفلكية الشمسية التي هي (33) . والمقصود بالدورة الفلكية الشمسية هو تكرار وقوع نفس اليوم والشهر من السنة الشمسية كل (33) سنة. فمثلا ان اليوم الأول لعيد الفطر لهذا العام 2015م كان يوم الجمعة 17/7/2015 وسيقع هذا اليوم الجمعة بنفس التاريخ (وليس عيد الفطر) بعد 33 سنة شمسية وذلك بتاريخ 17/7/2048 وربما نادراً بفرق يوم واحد قبله او بعده (اي يوم الخميس او السبت).
4. القمر :
كلمة (القمر) تكررت في القرآن الكريم في (27) موضعاً وفي ذلك إشارة فلكية وعلمية دقيقة جدا إلى عدد أيام الشهر القمري الذي هو (27) يوماً وبالدقة العلمية (27.3) وذلك وفق الحساب النجومي أي نسبة الى رصد القمر والارض من اقرب نجم مثل الشمس ويسمى (الشهر القمري بالحساب النجومي). وسبب ذلك أن الأرض تأخذ القمر معها أثناء دورانها حول الشمس مما يجعل القمر منظوراً إليه من الشمس يقضي (27) يـوماً وثلثاً ليقطع دورة كاملة حـول الأرض وليـس (29 أو 30)يوما كما هو الحال بالنسبة للراصد الارضي المتحرك.
5. الشمس والقمر :
وردت كلمتا (الشمس والقمر) مقترنتين في عبارة واحدة متتالية أو متباعدة . ولكن في الآية الكريمة نفسها في (19) موضعاً فقط وقد يكون في ذلك والله اعلم إشارة إلى السنة الاقترانية الفلكية ذلك أن من المعلوم في علم الفلك أنه في كل (19) سنة تكون الشمس والقمر والأرض على خط واحد يتطابق فيهما اليوم والتاريخ وتتكرر هذه الدورة كل (19) سنة حيث تكون الشمس والقمر والارض على خط واحد وفي نقطة مدارية متناظرة واحدة وتسمى هذه الدورة الفلكية بدورة مايتون METON وبموجبها يتم اجراء حسابات الخسوف والكسوف.
6. اليوم :
كلمة (يوم) تكررت في القرآن الكريم في (365) موضعاً وفي ذلك إشارة إلى عدد أيام السنة الشمسية والبالغة (365) يوماً.
7. الشهر :
كلمة (شهر) تكررت (12) مرة وذلك إشارة إلى عدد أشهر السنة الشمسية أو الــقمرية قال سبحانه: (إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) [التوبة : 36].
8. السنة والسنين :
وردت كلمتا (سنة) و(سنين) في القرآن الكريم في (19) موضعاً (في (7) آيات بالنسبة إلى كلمة (سنة) وفي (12) آية بالنسبة إلى كلمة (سنين)) ومجموعهما (19) وهي والله أعلم تشير إلى الدورة الفلكية الاقترانية المذكورة سابقاً (دورة METON) ، علماً أن في كل (19) سنة قمرية هناك (7) سنين كبيسة قدر السنة الواحدة (355) يوماً و(12) سنة بسيطة قدر السنة الواحدة (354) يوماً ويلاحظ أن العدد (7) هو عدد فردي يقابل العدد (355) الذي هو عدد فردي أيضاً أما العددان (12 و 354) فهما عددان زوجيان وفي ذلك تناسق عددي واضح بينهما ( [1]) .
9. الحديد (Fe) :
قال تعالى: ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد : 25] لقد ورد ذكر بعض المعادن في القرآن الكريم كالحديد والنحاس والذهب والفضة ولكن الله تعالى أفرد سورة كاملة باسم (الحديد) في القرآن الكريم وذلك للتأكيد على أهميته في الطبيعة وفائدته للإنسان
إن ترتيب سورة الحديد في القرآن الكريم هو ( 57 ) ويعادل ذلك تقريباً وزنه الذري الذي هو ( 56 ) وإذا ما اعتبرنا سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة (لعدم وجود البسملة بينهما) كما قرر ذلك بعض العلماء فيكون العدد ( 56 ) قد تحقق بالضبط . ثم إن رقم الآية الكريمة في قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) هو ( 26 ) مع البسملة ويعادل ذلك وزنه المكافئ (26 ) الذي هو رقم الآية يشمل آية البسملة في أول السورة .
وكما ذكرنا اعلاه ان ترتيب سورة الحديد في المصحف الشريف 57 وهو منتصف (مركز) عدد سور القرآن الكريم البالغ (114) و(مركز) الكرة الارضية (اللب) هو من الحديد والذي له دور كبير في حفظ توازن الارض والجاذبية الارضية.
10. ثاني اوكسيد الكربون(الدخان) CO2:
إن ترتيب سورة الدخان في القرآن الكريم هو (44) ، ولم يأتي هذا الترتيب مصادفة وإنما له خلفية علمية دقيقة، فالدخان الذي اغلبه يتكون من غاز ثاني اوكسيد الكربون (CO2) وزنه الجزيئي هو (44) ايضا!
علما ان الوزن الذري للكربون (C) هو (12) ، والوزن الذري للاوكسجين (O) هو (16) . ومركب ثاني اوكسيد الكربون يتألف من ذرة كربون وذرتين اوكسجين ،
فيكون الناتج كالأتي: 12+16+16= 44
11. عدد الوان الطيف الشمسي السباعي
ان الوان الطيف الشمسي السبعة والتي اصلها اللون الابيض والمتسلسلة تنازليا حسب طولها الموجي هي :
( الاحمر ، البرتقالي ، الاصفر ، الاخضر ، الازرق ، البني ، البنفسجي)
وقد تكرر ذكر كلمة (الوان) في آيات القرآن الكريم سبع مرات متناسقا مع الوان الطيف الشمسي السبع وهى كالآتي:
1- وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا (أَلْوَانُهُ) ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ [النحل: 13]
2- ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ (أَلْوَانُهُ) فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:69]
3- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا (أَلْوَانُهَا) ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ (أَلْوَانُهَا) وَغَرَابِيبُ سُودٌ [فاطر: 27].. (ذكرت مرتين فى هذه الآية)
4- وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ (أَلْوَانُهُ) كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر: 28]
5- وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ (وَأَلْوَانِكُمْ) ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ [الروم : 22]
6- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا (أَلْوَانُهُ) ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [الزمر: 21]
12 . عدد كروموسومات النحل (16 كروموسوماً)
ان عدد كروموسومات هذه الحشرة العجيبة التي سميت سورة كاملة في القرآن بإسمها لأهميتها وهي سورة النحل هو (16) كروموسوماً خاصةً في ذكور النحل (Done) التي تنتج من بيوض غير ملقحة بطريقة التكاثر العذري والمسمى(parthogenesis) علما ان ترتيب سورة النحل في القرآن الكريم هو(16) ايضاً!
13 . عدد كرموسومات الانسان(46 كروموسوماً)
ان عدد كروموسومات الانسان الجسدية هو 23 زوجاً (46 كروموسوماً)
وهل تعلم اخي القارئ الكريم ان هنالك اية قرانية كريمة تشير الى هذا العدد!؟
وفي الختام :
فقد ذكرنا أعلاه بعض الأمثلة عن المطابقة العلمية لبعض الحقائق الكونية مع ما جاء في آيات الذكر الحكيم من القرآن الكريم وهذا غيض من فيض والذي يوضح لنا ان القرآن الكريم فضلاً عن كونه كتاب هداية وارشاد ومنهاج للبشرية فهو كذلك تفسير للكون والانسان ، فالباري عز وجل الذي انزل هذا القرآن هو الذي خلق الكون والانسان فلابد ان يتطابقا ويفسر احدهما الآخر ، ولكن القرآن الكريم كلام رب العالمين هو الاصل والسابق والعلم هو الفرع واللاحق ، وكلما تقدمت العلوم والمعارف كلما اتضحت معاني آيات القرآن المجيد وبانت مدلولاتها واعطتنا عمقا أكبر وفهما اوسع ، وكلما احسن دراسة وفهم هذه الآيات وفق قواعد علوم التفسير واللغة العربية ومعطيات العلم وحقائقه فإننا نستطيع ان نكتشف ونستنبط الكثير من هذه الكنوز والمعارف ، فالقرآن كنز للعلوم ويهدي الى ابحاث جديدة.
قال تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ] النمل:93[
صدق الله العظيم
الاستاذ الدكتور محمد جميل الحبال
استشاري الطب الباطني و باحث في الاعجاز العلمي في القرآن والسنة
مستشفى الرعاية التخصصية (بروكير) بالخبر – المملكة العربية السعودية