بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير الطبي لقوله تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) النجم: 45-46.
وقوله تعالى: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى،أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ، ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ، أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى) القيامة: 36-40
وقوله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) الشورى: 49.
ومعنى قوله تعالى : ( مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) : ( أي: تصب في الرحم، يقال: منى الرجل وأمنى. قاله الضحاك وعطاء بن أبي رباح. وقال آخرون: تقدر، يقال: منيت الشيء إذا قدرته) كما جاء في تفسير البغوي ( 7/ 418 ) وكذلك ذكر الإمام الشوكاني هذا المعنى أيضا في تفسيره لهذه الآية: ( إذا تُمنى: إذا تقدر. يقال منيت الشيء إذا قدّرته. ومُنى له أي قدّر له. والمعنى : أنه يقدر منه الولد) تفسير فتح القدير (5/116). وهذا المعنى يتفق مع قوله تعالى : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) عبس: 19. أي (خلقه من ماء قليل – وهو المني- فقدره أطوارا ) التفسير الميسر( ص 585 )….
ومن جملة هذا التقدير هو تصويره الآدمي و تعيين جنس الجنين هل هو ذكر أم انثى!
والذي يهمنا في تفسير هذه الآيات المباركات هو تحديد جنس الجنين (ذكر أو أنثى ) والمدة التي يُعرف بها ذلك حددها المصطفى صلى الله عليه وسلم بيّنه في الحديث الذي يرويه حذيفة بن أسيد (رض) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (إذا مرّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة (وفي رواية :بضع واربعين ليلة) بعث الله اليها ملكا فصوّرها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يارب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ماشاء ويكتب الملك ) رواه مسلم في صحيحه برقم (2645) وفي حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2644|) عن حذيفة بن أسيد (رض) بلفظ آخر يبلغ به النبي
صلى الله عليه وسلم قوله: (يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة فيقول يارب أشقي أم سعيد؟ فيكتبان. فيقول: أي رب أذكر أم أنثى؟ فيكتبان ).
فكما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول أعلاه، أن الجنين قبل اليوم الثاني والأربعين لايمكن التمييز صورته الإنسانية الآدمية ولا تخلق أجهزته بصورة تامة خاصة نوعية جنس الجنين الا بعد هذا التاريخ. فالحديث يشير بوضوح الى أن تشكيل الجنين بتصويره كإنسان وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه وتمايزغدده وأعضاءه التناسلية -ذكورية أو أنثوية- ، لا يحدث الا في اليوم الثاني والأربعين كما مبين في الشكل أدناه (معجزة اليوم الثاني والأربعين):
فإذا فإننا في حالة الجمع بين الروايات المذكورة أعلاه يكون دخول الملك للتصوير بالشكل الآدمي للجنين والتحديد النهائي لجنسه (ذكر أو أنثى) هو مابين نهاية الأسبوع السادس ونهاية الأسبوع السابع من عمره (أي مابين 40-49 يوما) وتحديدا 42يوما.
والشاهد هنا هو سؤال الملك رب العزة سبحانه وتعالى عن جنس الجنين ، هل هو ذكر أم انثى؟ ولأنه لم يتحدد ويقدر نهائيا بعد! حيث انه سيكون ذلك في هذه المدة وما بعدها وليس قبلها!.
وكما هو معروف طبيا أنه منذ بداية تلقيح وتكوين البويضة المخصبة –الزايكوت – (النطفة الأمشاج) وذلك بالتقاء الحيوان المنوي مع البويضة يتحدد مبدئيا جنس الجنين. حيث إذا إلتقى الحيوان المنوي الذي يحمل الكروموسوم الجنسي الذكري (Y) مع البويضة التي تحمل دائما الكروموسوم الجنسي الانثوي (X) يكون نوع الجنين ذكرا (XY) .أما إذا التقى الحيوان المنوي الذي يحمل الكروموسوم الجنسي الأنثوي (X) معها فيكون نوع الجنين أنثى (XX).
ولكن من التدقيق في تدبر وفهم هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لغويا وتفسيريا ووفق احدث المعطيات العلمية في علم الأجنة ,فإنها تعطينا إشارات طبية إعجازية في تحديد جنس الجنين توصل إليها العلم حديثا, حيث يشكل ذلك سبقا علميا متميزا يمكن أن نلخصها بالنقاط التالية:
- ان الغدد التناسلية للجنين (Gonads) تكون غير متميزة من ناحية نوعية الجنس (مشتركة) حتى نهاية الأسبوع السادس من عمر الجنين (Sexually undifferentiated ) وبعد هذه المدة (42 يوما بالضبط) تبدأ بالتمايز بأن تأخذ المسار الذكري أو الأنثوي!.
- لقد أكتشف حديثا وفي السنوات الأخيرة فقط وعند دراسة آلاف الحالات من الحمل في بداياته لمعرفة نوع جنس الجنين وذلك بواسطة آلة التصوير بالموجات فوق الصوتية المتطور وبالدوبلر الملون ((Coloured Ultrasonography-2D with Doppler blood flow ومتابعتها بعد الولادة والتأكد من صحة النتائج تبين أن ظهور الجنين مع بدايات تكوين زغابات المشيمة وأوعيتها الدموية (Chorionic Villi) تظهر في نهاية الأسبوع السادس أو منتصف الأسبوع السابع (مابين 42-45) يوما تقريبا بالضبط , كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة المذكورة في صحيح الإمام مسلم وغيره والتي جاء ذكر قسم منها أعلاه وكما ظهر من النتائج أن معظم حالات الحمل الذكرية كان موقع إنغراسها (التعشيش) (Implantation) في الجهة اليمنى من بطانة الرحم , والأنثوية في الجهة اليسرى منه وذلك بنسبة 97.5% من الحالات. أو بمعنى آخر أن لجهة التعشيش للجنين وموقع ذلك في الرحم دور في التحديد النهائي لنوعية جنس ذلك الجنين (ذكر أو انثى) لأن هناك احتمال ولو قليل جدا أن يتغير!!، أي أنه في حالة كون البويضة الملقحة (زايكوت) ( Zygot) انثى (XX) مثلا ، وحصل انغراسها في الجهة اليمنى من الرحم فيمكن أن يتحول الجنين الى ذكر! فالتحديد النهائي لجنس الجنين سيتحدد نهائيا بعد 42 يوما من عمره وهذا ما يمكن استنباطه من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم المذكور أعلاه وهذا هو السبب والله اعلم في سؤال الملك لرب العزة عن نوعية الجنين هل هو ذكر أم انثى عندما يدخل عليه في هذه المدة لأنه لم يتقدر نهائيا قبل ذلك.
إن هذه الطريقة الحديثة المبتكرة في التشخيص المبكر لنوعية جنس الجنين إذا ما تأكدت في الدراسات القادمة (ونحن متأكدون من صحتها) ! فإنها ستكون فتحا متميزا للاعجاز الطبي القرآني والنبوي كما قال تعالى:
(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )النجم:3- 4.
- وإذا ما لاحظنا أرقام الآيات الكريمة الثلاث موضوعة البحث أعلاه في سور النجم والقيامة والشورى. فإن هذه الأرقام تتطابق مع المدة المذكورة أعلاه في ظهور الشكل الآدمي لصورة الجنين والمعرفة النهائية لنوعيه جنسه : ذكرا أم انثى , حيث تتراوح أرقامها جميعا مابين نهاية الأسبوعين السادس والسابع!! ومن العجيب أن رقم سورة الشورى – احد السور موضوعة البحث أعلاه- هو 42! مما يعزز حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام المذكور أعلاه قوله : (إذا بلغت النطفة ثنتان واربعون يوما …الحديث ) ويرجح هذه المدة التي أثبتها العلم . وهذا من الإعجاز العددي في القرآن الكريم حيث أن كلام الخالق يطابق خلقه. قال تعالى:
(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك : 14….
صدق الله العظيم والله أعلم بمراده
|
The genius store caedll, they’re running out of you.