التأمل والنظر في عاقبة الأمر ,التدبروالتفكر

بينما ينصب التدبر على النظر في عاقبة الأمر وآخره يبقى التفكر مقتصرا على النظر في الأمر نفسه فالأول يهتم بعاقبة الأمور والثاني يهتم بالأمور نفسها


التدبر يهدف إلى الوصول إلى الغايات والنظر ما وارء الأشياء أما التفكر فيهدف إلى الاعتبار بما تشاهده العين وتراه .

التدبر يذكر مع القرآن كما رأينا أما التفكر فيذكر غالبا مع الآيات المنظورة السماوات والأرض والجبال ونحوها

التدبر في حقيقته هو تصرف القلب بالنظر في العواقب والنهايات أما التفكر فهو تصرف القلب بالنظر في الماثل أمام أعيننا باعتبارها دلائل وعلامات .

  التدبر والنظر : حقيقة التدبر هي النظر في عاقبة الأمر أما النظر فحقيقته في تأمل الشيء ومعاينته .

التدبر يهدف إلى الوصول إلى الغايات والنهايات أما النظر فيهدف إلى الاعتبار بالمشاهدات الحسية التي تراها العين الباصرة والمعنوية التي تراها القلوب .

التدبر موضوعه القرآن أما النظر فموضوعه الآيات المنظورة في الكون

التدبر هو تصرف القلب بالنظر في العواقب وأما النظر فهو تصرف العين والقلب بالنظر إلى الأمور الحسي والمعنوية 

يبقى التدبر في النظر إلى عاقبة الأمر أما التأمل فهو التثبت في النظر أي إدامة النظر وتكراره مرة بعد مرة

التدبر يهدف إلى الوصول إلى الغايات : أما التأمل فهو يهدف إلى التحقق من الشيء عن طريق التثبت مرة بعد مرة .

التدبر يذكر مع القرآن أما التأمل فيذكر كما سابقه مع الآيات المنظورة في الكون .

التدبر هو تصرف القلب بالنظر في العواقب أما التأمل فهو النظر المطول إلى شيء لإدراك مطلوب منه وهو مرتبط بطول زمن 

       أكثر مصطلح يلتبس بالتدبر هو التفسير لشيوع مصطلح التفسير وانتشاره بين الناس واقتصارهم عليه وظنهم أنه هو المطلوب وهو الذي سيفتح لك أبواب القرآن ولكن الحقيقة أن بينهما فرق كبير فبينما يعرف التدبر بأنه النظر في عاقبة الأمر يعرف التفسير بأنه بيان الشيء وإيضاحه من الفسر وهو الكشف

التدبر يهدف إلى الوصول إلى الغايات والنهايات أما التدبر فهدفه الكشف والبيان والإظهار

أهم فارق بينهما هو في المحل : فالتدبر محله المعاني فهو يعتني بالمعاني يظهرها ويجليها أما التفسير فمحله الألفاظ فهو يعتني بالألفاظ ويشرح المراد منها

التدبر تصرف القلب في النظر إلى العواقب والنهايات وأما التفسير فتوضيح لمعنى الآيات وقصصها وسبب نزولها وما شابه ذلك من المباحث . 

   التأويل وهو أحد المرادفات للتدبر وهو يعتني بعاقبة الكلام وما يؤول إليه من الأول وهو الرجوع

    التدبر هدفه الوصول إلى الغايات وعواقب الأمور أما التأويل فهو من الأول أي الرجوع فهو يعتني بما يرجع إليه الأمر

وبينما يعتني التدبر بالمعاني فإن التأويل يعتني بالمعاني الخفية فكأنه ذهاب وعودة بعكس التدبر الذي يتضمن ذهابا فقط

التدبر كما سبق ذكره موجه للخلق جميعا مؤمنهم وكافرهم أما التأويل فهو خاص بأهل العلم ممن يتقن ويحسن خفايا المعاني 

 آخر كلمة شبيهة بالتدبر هي الاستنباط وهي تعني الاستخراج بعد الخفاء من استنبط الماء أي أخرجه من بئر أو ماشابه فهو يدل على استخراج شيء كان مخفيا

هدف الاستنباط كما هو تعريفه اللغوي الوصول إلى الخفايا وهو يعنى بالمعاني الخفية

وماهيته استخراج الأحكام الخفية والفوائد العلمية من النص القرآني وهو كسابقه خاص بأهل العلم ممن يحسن ذلك

   مما سبق يتضح لنا جليا مقدار الخلط الذي يجري بين التدبر والتفسير عند كثير من الناس

فبينما يحكي التفسير معنى اللفظ فإن التدبر يحكي أثر القرآن في النفس والحياة

وهو بيي ن ما مس هذه النفس من معاني وما مدى أثره فيها

ومن تبين له هذا عرف لماذا لا يجد معظم الناس ضالتهم في كتب التفسير وما كانوا يظنونه من أن قراءة كتب التفسير هي التي ستفتح المجال أمامهم .

مما سبق يتضح لنا مجموعة من الملاحظات : أن التدبر يعتني بالمعاني وأن أقرب المرادفات للتدبر هي التأويل مع وجود فارق بينهما وأن التفسير أحد لوازم التدبر ومراحله وأن النظر والتأمل والتفكر إنما هي أدوات للتدبر لأنها تعتني بالشيء نفسه وأن الاستنباط والذي هو استخراج المعاني والفؤائد هو أحد نتائج التدبر وأن التدبر أشمل من التفسير والاستنباط لأنه يزيد عن ما سبق ذكره بقصد الانتفاع به إيمانا في القلب وعملا بالجوارح 

  التدبر ليس كما يظن البعض عملية واحدة بل إنه عبارة عن سلسلة من العمليات ومنظومة متكاملة له أول ووسط وآخر كما هي حال الزراعة فالزراعة ليست حرثا ولا بذرا ولا تسميدا ولا ريا ولا حصادا بل هي مجموع كل ما سبق وهكذا هو التدبر : يبدأ التدبر عند القراءة وإتقانها بشكل جيد عند شيخ مقرئ متقن دون تكلف وتنطع أما المرحلة الثانية وهي التكرار الذي يثمر المرحلة الثالثة والتي هي الحفظ ومعظم الناس تتوقف عند هذه المرحلة ومعظم جهود الحلقات و المدارس والمراكز وهذا سر تخريج أجيال من المجودين والحفظة همهم التكاثر في الحفظ والمبالغة في الإتقان دون الوصول إلى المراحل التالية النافعة ومثلهم كمثل من حرث الأرض وبذر البذر ووضع السماد ثم لم يسقها ولم يرعها واستغرب من عدم نمو الزرع ؟ وانتظار الثمرة بعد هذا لا يقول به عاقل وهكذا القرآن لا بد أن تأتي بمراحله كاملة حتى تزهو لك ثماره .

المراحل الرابعة والخامسة والسادسة هي التأمل والنظر والتفكر في معانيه وهذا لا يتأتى إلا بأخذه شيئا فشيئا مع طول الصحبة والتوقف عند دقائق عباراته وألفاظه ومعانيه وتتابعها

المرحلة السابعة تكون بالتأثر بما سبق وهي نتيجة طبيعية تحصل تلقائيا إن فعلت ما سبق ثم يتبعها ما يتبعها من استنباط وعمل يأتيانك سعيا

   ما الذي يمكن استنباطه من القرآن : القرآن بحر من الكنوز يحتاج من يكتشفها ويخرجها من هذه الكنوز : أحكام فقهية ولا يخفى على قارئ لكتاب الله ما فيه من أحكام عامة أحيانا ومفصلة أحيانا حسب ما يقتضيه الحال وهو مليء أيضا بالمسائل العقدية بل هو أفضل كتاب في العقية ممكن أن يقرأه المسلم

القرآن فيه حلول لكثير من المشكلات والتساؤلات فما بالنا لا نبحث عنها فيه ؟ وهو مليء أيضا بالفوائد البلاغية واللغوية ناهيك عن الإرشادات والآداب والتزكية وأهم ما فيه المواعظ والرقائق ومعظم المربين والخطباء والوعاظ يشرون مواعظ القرآن بمواعظ غيره وهم في هذا بعيدون أشد البعد عن مرادهم

 التدبر مرتبط بالمعاني : احفظ هذا جيدا واجعله في بالك دائما الألفاظ هي قوالب للمعاني فبينما يهتم التفسير بالألفاظ يبقى لب التدبر هو الاهتمام بالمعاني فهي التي تثمر في نفس الإنسان وقلبه ومرور هذه المعاني على القلوب مرة بعد مرة يجعلها راسخة في القلب ويجعل القلب ينطلق في تصرفاته وفق هذه المعاني الهدف الأهم من التكرار ليس حفظ الألفاظ فقط بل حفظ المعاني وغرسها في القلوب وهذه هي حقيقة التدبر كما ذكرنا سابقا من النظر إلى المعاني التي تكون في دبر الألفاظ 

  التفسير مرتبط بالتدبر بمستويين : المستوى الأول أن يكون معنى اللفظ غير واضح بالنسبة لك فلا بد لك في هذه الحالة من معرفة معناه إذ أنك لا يمكن أن تتدبر في كلام لا تفهم معناه فيجب أولا معرفة معنى الكلمات الواردة والعبارات الموجودة حتى نستطيع الوصول إلى المعاني التي ترمي إليها فإذا عرفت ذلك انتقلت إلى المستوى الثاني من العلاقة بينهما وهو استخراج الفوائد والحكم والآداب والأحكام .

   في ما يلي نستعرض مثالا عمليا على التدبر واستنباط المعاني التي فيه والتي تختفي خلف الألفاظ دون أن ننتبه لها أو نلقي لها بالا لتناولنا للقرآن بأساليب خاطئة

هل أتاك : انظر إلى هذه المقدمة المهولة والتي لا تستخدم إلا للإخبار عن أمر عظيم تتهيؤ له النفوس وتشرئب إليه كأن قائلا يقول لك : هل عرفت ما الذي حصل ؟ وكأنه يشد انتباهك ويلفت نظرك إلى أنه سيأتي بأمر عظيم فيما يلي وهذا كقوله ( هل أتاك حديث الغاشية )

المكرمين : في كلمة المكرمين ثناء على إبراهيم . كيف ؟ إما أن يكون هؤلاء الأضياف مكرمون من قبل إبراهيم وفي هذا ثناء مباشر عليه وإما أن يكونوا مكرمين من قبل الله تعالى وفي هذا ثناء أيضا على إبراهيم إذ أن الله لا يرسل رسلا مكرمين إلا إلى موفد كريم .

سلام : في رده بجملة اسمية على سلامهم بالجملة الفعلية زيادة معنى عن سلامهم هم

قوم منكرون : لم يذكر نكارته هو لهم صراحة فأخفى الفاعل إكراما لهم

فراغ : الروغان هو الذهاب خفية فهو لم يشعر أضيافه بأنه يحضر الطعام لهم

إلى أهله : فطعام الأضياف جاهز عند إبراهيم لا حاجة لجلبه من الخارج فهو كريم مستعد لمن يحل به من ضيوف متى ما حلوا

بعجل : كامل أتاهم بذبيحة كاملة ليتخيروا منها ما يحبون

سمين : غير مهزول زيادة لهم في الإكرام

فقربه إليهم : ولم يضعه في مكان بعيد ويأمرهم بالنهوض إليه كما أنه قام هو بنفسه على خدمتهم

ألا تأكلون : لم يقل كلوا بل تلطف في خطابهم غاية التلطف .

فأوجس منهم خيفة : ولم يبدها لهم

في صرة : أي صوت وصياح وفيه خفة المرأة وسرعة تأثرها

وقالت عجوز عقيم : فيه اقتصار المرأة في الحديث وعدم استرسالها فيه

قال ربك : يستفاد صفة القول لله

الحكيم العليم : اسمان وصفتان لله الحكمة والعلم .

 أوصى الشرع بتدبر القرآن في الوحيين الكتاب والسنة

ففي الكتاب ورد ما سبق من الآيات

وفي السنة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصيحة والنصيحة هي التصفية أي أداء الأمر خالصا صافيا كما يجب لاحظ وجود النصيحة مع كتاب الله وليس هناك من نصيحة تؤدى إلى كتاب الله كتدبره كما أمر هو في كتابه 

 فلنقف وقفات من آيات التدبر نستعرض فيها بعض جملة من الأمور . إن المتأمل في ما سبق من الآيات الأربع التي جاءت بالتدبر يلاحظ أن التدبر لم يأت إلا مع القرآن فلم يأت وفي هذا إشارة واضحة إلى اختصاص هذا الفعل بكتاب الله

لاحظ أيضا أخي الكريم ورود الفعل على وزن ( تفعل ) أي زيادة التاء والعين فزيادة التاء تدل على التدرج مثل ( درج وتدرج ) وهي تعني الأخذ شيئا فشيئا مع زيادة وأما تضعيف العين فيدل على المبالغة والزيادة مثل ( كسر وكسَّر ) فالأولى تدل على فعلة واحدة والثانية تدل على شدة وتكرار وهكذا يجب أن يكون حال المتدبر متدرجا في مراتبه مبالغا في فعله حتى يؤتي أكله كاملا .

لاحظ أيضا ورود الفعل بصيغة المضارعة والمضارعة تدل على التجدد والحدوث فالمتدبر هذا حاله في تجدد دائم وكل تجدد يحمل في طياته دفعات من التدبر فيبقى الأمر في حركة دائمة .

تأمل أيضا شمول الفعل لأصناف الناس الثلاثة التي وردت في بداية القرآن وفي هذا إشارة واضحة إلى الطريق الذي يؤتى منه القرآن بغض النظر عن حال المقبل من كفر وإيمان .

تأمل ورود الفعل بعد لام التعليل في سياق خطاب المؤمنين ووروده بأسلوب إنكاري في حال وروده مع غيرهم من أصناف الناس وتأمل حذف التاء من الفعل في خطاب الكفار وفي هذا إشارة إلى أن الكافر لو تدبر شيئا يسيرا لما بقي على حاله الذي هو عليه فأمره بتدبره ولو شيئا يسيرا جدا حتى يخرج من حاله لأن حاله أقل بكثير من حال المنافق

تأمل التعقيب بعد الإنكار ( أم على قلوب أقفالها ) ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ( أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين ) وما في كل تعقيب منها من معان ومناسبات 

 لسؤال الأخطر : هل يمكن أن يجلس الإنسان ساعات وأياما بل وسنوات عديدة مديدة يقرأ ويقرأ ثم يرجع بقراءة دون تدبر ؟ نعم بل إن الله وصف مثل هذه القراءة بالأماني ونفى عن صاحبها العلم نفيا جازما بل وصفه بالأمية فهو يقرأ ولكنه لا يقرأ حقيقة وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون

 ليس هذا فحسب بل إن مثل هذه القراءة لا ينال صاحبها درجة صحبة القرآن كما في الحديث ولا يقال له يوم القيامة اقرأ وارق بل كأنه أتى بكيس مثقوب فالعبرة بما يصنع القرآن فينا وليست العبرة بكثرة الهذ صباح مساء

 أوضح مثال عن قارئ يقرأ القرآن دون أن ينتفع به ما جرى مع الخوارج حالهم عجيب لهم حظ وافر من العبادة والزهد بل قد فاقوا الصحابة في ذلك ثم هم يقرؤون القرآن كما قرأه الصحابة لكنهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية ولا يصعد لهم عمل صالح فوق حناجرهم والسبب في هذا أنهم قرؤوه دون تدبر قرؤوه أماني هذا كهذ الشعر فلم ينتفعوا به كما انتفع الصحابة رضوان الله عليهم فالعبرة دائما بالأثر فإن سلكت الطريق الصحيح لا بد أن تصل إلى مبتغاك 

 قد يستغرب مسلم فيقول هل التدبر لازم في كل آية أقرؤها ؟ كيف أتدبر آيات وقصص هلاك الأمم السابقة وهم كفار وأنا من زمرة الموحدين ؟ وكيف أتدبر الآيات التي تقص أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأيامه ؟ أو الآيات التي تخاطبه ؟ أو آيات العذاب والنار وأنا بحمد الله من أهل الإسلام ؟ ومالي ومالآيات الفتن ؟ بل هل من الواجب تدبر آيات تصف عظمة الله وملكه وتدبيره وهذا أمر معلوم بالضرورة في نفسي ؟

قد أجد إجابات عن مثل هذه التساؤلات لكن الذي لم أجد له جوابا : كيف أتدبر آيات الأحكام مثل آيات منع تحريم الأمهات والبنات وما بعدها ؟

في الحقيقة آيات التحريم هذه من أحق ما يجب على المسلم تدبره وكم هي نعمة الله على الإنسان أن يعرفه بحرمة نكاح أمه واخته وابنة أخته وابنة أخيه وأمه من الرضاعة إلى آخره .. وكم من إنسان طمست فطرته فاستحل مثل هذا فنعمة تشريع مثل هذا نعمة عظيمة لا بد للإنسان أن يتأملها ويحمد الله عليها أن اصطفاه بها وبصره بمثل هذا .

هذا بالنسبة لهذه النوع من الآيات أما الأنواع الأخرى فسأترك التأمل فيها للقارئ 

 وصف القرآن القلب بالتقوى ووصفه الخشوع, وصفه بالهداية ووصفه بالرأفة والرحمة والتأليف ذكر في وصفه الشرح والسلامة والإنابة والطهارة والربط كما ذكر العقل بالقلب وذكر الاطمئنان وذكر الإخبات والتزيين والسكينة كل هذا في القلب .. انتهينا ؟ لما ننته بعد

وصف من لوازمه الكسب والران والغفلة والمرض والختم فقلب مختوم عليه وقلب مريض وغلب غافل كما قدم في صفاته الزيغ والرعب والعمى والتقلب والاشمئزاز . ذكر الطبع والوجل والارتياب والإيمان والقفل .. هنا تنتهي صفات القلب ؟ لا ابق معنا

وصف منها القسوة والغيظ واللهو والشرح والنفاق كما ذكر الغل والكبر والوسوسة والحسرة والفقه كله هذا في ذكر القلب وأحواله وصفاته أربعون وصفا منثورة في جنبات المصحف تتحدث عن القلب وأحواله 

إن مضغة في الإنسان وصفها الله بأربعين وصفا في كتابه لجديرة بأن نوليها كل اهتمامنا وجهدنا في الإصلاح

 إن فهم كتاب الله ليس له حد فالقرآن كلام الله وكلام الله صفة من صفاته وصفاته ليس لها حد فمهما أعطيت القرآن أعطاك هو أكثر ولا زال فيه بقية فاحرص دائما على السير حثيثا في البحث عن معانيه وتفقد كنوزه وتثوير معانيه واعلم أن الفهم الذي يعطاه العبد إنما هو منة من الله وعطاء منه لا بجد العبد ولا بكسبه هو ولا بذكائه ولا بفهمه بل هي فتوحات يفتحها الله على من علم صدق نيته وكم من ذكي أفنى عمره وذكائه فيما يضر وفيما لا ينفع وكم من أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره .

كان من عادة السلف المحافظة على وردهم من القرآن مهما كانت المشاغل والظروف وكانوا يحرصون عليه أيامهم كحرصنا على أموالنا أيامنا فكان القرآن غذاء قلوبهم يتقوون به على مصارع الدنيا وتقلباتها وكان الواحد منهم إذا فاته ورده من الليل لم يستو قائم الشمس بالظهيرة إلا وقد أنهى ورده وسيرهم في هذا معلومة مبثوثة ومن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أن كتب لهم أن من فاته ورده بالليل ثم قرأه صباح اليوم التالي كتب له كأنما قرأه من الليل فالحمد لله على نعمه

طول الطريق قد يصد الإنسان عن سلوكه فيقول متى أصل ؟ ومتى أتنعم ؟ ومتى أعرف ؟ إياك أن تفكر بمثل هذا أو أن ترى الطريق طويلا فتعرض عنه واستعن بالله ولا تعجز أربع أو خمس سنوات في حفظ الكتاب أو تدبره ليست إلا شيئا يسيرا مما كان الصحابة يصرفون فيه أعمارهم تجد واحدهم يحدث عن نفسه يبقى دهرا طويلا يبذل جهده ويقاوم نفسه في الطريق حتى يفتح الله عليه فينعمه الله به دهرا طويلا كذلك اللهم ارزقنا تدبر كتابك .

سمع الجن كلاما غريبا يتلى فألقوا إليه أسماعهم لكنهم لم يكتفوا بمثل هذا بل إنهم عادوا إلى قومهم فأخبروهم بما سمعوا وأنذروهم بما سمعوا من نذارة فإياك أخي أن تكون الجنة خيرا منك فتقعد بعد أن علمت علم أهلك وإخوانك وجيرانك وزملائك في العمل وزملائك في المسجد وانقل إليهم ما فتح الله عليك من العلم وكن داعية إلى الله ولو بالقليل 

SHOKRAN WAJAZAKUM ALLAH KHEER.

Saad Ramzi Ismail, PhD.

Calgary, Alberta- Canada

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top