السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيكم وأعلم أن المتحدثين منطلقون من حسن النوايا ومن باب نصرة الدين
وأن الدين حق وانه اتى بكل معجز منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم الامر الآخرإن ابحاث الإعجاز القرآني وأصر على تسميتها بالإعجازالقرآني لأن الأصل في التنظير في الإعجازهو العودة إلى النص القرآني وما أعقبه من شروح له من خلال الأحاديث الصحيحة التي وردت في الآيات أو كانت مناسبتها في ما يخص الايات ثم اسقاط ما ثبت من العلم عليها وليس العكس لان الحقيقة القرآنية بتفسيرها القائم سائدة ومحققة بينما النظريات العلمية متغيرة مالم تثبت بتجريب او محاكاة وهذا ما اورده غالبا في ابحاثي في الاعجاز عموما كعلم الاجنة وما ثبت في غيره من العلوم بعين اليقين
ما اريد قوله انه لا بد من منهجية في الطرح تستند إلى أصول التفسير التي أبسطها ابن كثير رحمه الله في مقدمة التفسير العظيم وهي تفسير القرآن بالقرآن ثم تفسيره بالصحيح من الاحاديث مما اتفق على صحته اهل العلم ثم الرجوع الى اقوال السلف من صحابة وتابعين ومن تبعهم من علماء محققين ممن هم ثقة الامة وموضع اعتبارها واظن ان هذا من ابسط ما يمكن ان يكون في اسس اي علم مطروح ومن هنا كان العلماء المحققين لهم مآخذ كبيرة على من تحدث في الإعجاز القرآني من المتأخرين في أنهم كانوا يتجردون من كل تأصيل لدرجة أن أحدهم يقول أنه يعود للايات واللغة العربية فقط وهذا ممن خالفوا اصول العمل التي تعب في تأسيسها علماء من كبار الامة على مدى لا يقل من الف عام
فكما ان كل علم له اصوله كذلك فإن العمل في العلم الشرعي ومن فروعه الاعجاز القرآني كان لا بد ان يكون له اصول واستقلالية بحسب مرجعية المعتبرين فيه من العلماء الاكابر
ومن هنا اقول كما في علوم الطب لا يجب أن يتكلم من لا يعلم
وكذلك في كل العلوم
ولما كان علم طب الارواح وهو علم الشريعة ارقى العلوم بما يتبعه من فروع ومبادئ تشتق منه
ثم يليه طب الابدان كذلك
فلا يمكن لمن يعمل في الهندسة ان يفتي في الطب ولا يمكن لمن يعمل في الفرن أن يفتي في الهندسة فإن من يعمل في حقل يخصه لا يجوز ان يفتي في حقل لا يخصه إلا إذا اطلع ومحص الحقائق ورأى أقوال من سبقه ومن هم حوله في الأمر ثم يصبح كما اتفق عليه أهل العلم مجتهدا في المسألة ويحق لها ساعتها أن يفتي فيها في النطاق الذي بحث به
من هنا انطلق لامر جلل وفهم هام في النصوص ألا وهو اتباع التأصيل في فهم النصوص
فلا يحق لأاي أحد أن يدخل النصوص ويفرض فهمه الخاص عليها وإنما لا بد من تأصيل ورجوع إلى ما قاله السلف ثم متابعته بين الحديث الصحيح والتفسير المتفق عليه ثم اللجوء للغة العربية في انهاء فهمه
ومن هنا لا يحق لشيخ المسجد ان يذرف معلومات طبية لا يفقهها كأن يقول أن الكبد في يسار البطن
وإنما يعود لأهل الاختصاص من الاطباء الذي درسوا التشريح
كذلك لا يحق للطبيب الذي يدعي فهمه للنص أن يلوي النص بما يتناسب مع رأيه ويخالف اهل اختصاص العلم الشرعي و يعطل التأصيل الذي اتفق عليه علماء الفقه والشريعة
ماذا يعني هذا؟
ببساطة يجب أن يكون العلم متعاونا على بسطه بين العلوم التي تشترك في فهمه ولا يكون محصورا في رأي شخصي
ومن هنا وعود للموضوع حول خلق الإنسان ومراحله فقد أفردنا بحثا واسعا في الامر وترتب عليه اخراج كتابنا الاول في هذا الامر من منطلق دراساتنا للطب وبدأ الأمر من كلية الطب في جامعة دمشق في أرض البركة الشام
ثم تابعنا الأمر مع كبار العلماء في الحجاز الشريف ومنهم استاذنا د محمد علي البار وبعد نقاشات طويلة خرجنا بكتابنا
(تحقيق الاربعينيات في علم الاجنة بين الطب والقرآن )
وفيه نناقش ما يقارب من احد عشر دليلا شرعيا أولا على أن الاربعينيات حق كما وردت في الاحاديث وهي محققة وان فيها يتم تسلسل الخلق وان كل مرحلة لها مواصفاتها وما يسمها بصفة عامة ثم إن هنالك تحولات تطرأعلى كل مرحلة وتحصل هذه التحولات تدريجيا لاوهلة واحدة كما أورده ابن القيم بمقوله رائعة له في كتابه التبيان في اقسام القرآن وكتابه تحفة المودود
وتكون خلال اربعين يوما وأن هذه السمات وهذه التحولات حسب حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم متسلسلة وانه لا تعارض في الفهم بين حديث الاربعين الذي رواه حذيفة ابن اسيد وحديث الاربيعينيات في جمع الخلق وان هنالك تواترا في فهمهما
وان جمع الخلق الكائن كما اورده ابن حجر في شرحه للبخاري هو اجتماع بعد شتات وجمع من متناثرات الا وهي نطفتي الرجل والمرأة وان هذه المراحل بحسب السلف الصالح ومنهم ابن كثير ومنهم ابن القيم ومنهم ابن حجر وجمهور العلماء كما قاله ابن القيم واوردوه في التفاسير ان خلق الانسان يكون في اربعين تلو اربعين تلو اربعين ثم يتم الامر بمضغة مخلقة ثم تبدأ مرحلة النشأة في خلق آخر والتي ثبت جنينيا أن الجنين يتحول فيها بتحولات تسبب تلاؤمه مع الحياة خارج بطن الرحم ومنها الغلاف الدهني ومنها النضج الرئوي التي لا تتم قبل نهاية الشهر السادس وهي ما تمتد اليه مرحلة النشأة هذه من نهاية الشهر الرابع الى نهاية الشهر السادس حيث اقل الحمل مدة الذي يمكن ان يخرج منه جنين قابل للعيش
واوردنا الرأي القائل بان تجميع الخلق يكون في الاربعين الاولى فقط وما فيه من تناقضات من حيث المرحلة وما فيه من اخطاء في انقطاع المراحل دون تتابع مفهوم فكيف يكون الجنين علقة منذ اليوم السادس والله اورد في قوله (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) فلا زال في مرحلة النطفة والبيان الالهي اورد اسم النطفة في التمكين وهذا لا ينتهي كانغراس للجنين في باطن الرحم ومخاطيته قبل نهاية اليوم الخامس عشر حسب ما رأيناه في الاجنة وما ثبت علميا
وهنال الكثير من الادلة سردناها في ذلك شرعيا او طبيا
ساقوم بجمعها لكم يا سادة في مقال مختصر عن كتابنا كلها ادلة شرعية لا غبار عليها عند اهل العلم
أما الراي الشاذ بتجميع الخلق في الاربعين الاولى فكان رأياً ذكره الشيخ الزملكاني فقط وخالف فيه الجمهور هذا شرعيا
اما طبيا فلكل مرحلة اربعين يوما ما يميزها من اموروما يطرأ عليها من تحولات لتتغير نحو المرحلة الاخرى بما ثبت في علم الاجنة ومخابرها بالتشريح الدقيق والنقاش العلمي الفني الطبي المعمق
وقريبا اضع بين ايديكم الكريمة هذا الامر في مقالة جامعة لمن أراد المتابعة والنقاش العلمي الفني الدقيق كأطباء من جهة وكعلوم شرعية مستندة إلى الدليل من جهة أخرى هذا والله اعلم
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
اخوكم دحيدر محمد الجدي
اختصاصي في الامراض الباطنية
باحث في قضايا الإعجاز القرآني منذ اكثر من عشرين سنة
لدي مؤلفين اولها:
تحقيق الاربعينيات في علم الاجنة بين الطب والقرآن
وثانيها الاعجاز القرآني في الخلق الانساني
عضو لجنة الاعجاز العلمي في مقرأة الاتقان المتخصصة في ابحاث القرآن في المدينة المنورة
مع مقالات كثيرة تخص الاعجاز القرآني في خلق الانسان والفلك وخلق السماوات والارض
28/2/1440
الموافق 27/10/2019
00966508570515